فالعقلانية أو المذهب العقلي اتّجاه لتمجيد العقل واعتماد أحكامه أصاب أو أخطأ، ضدّ الاتجاه الديني مهما كان الدين حقّاً، ومهما كان الذي نسب إليه صواباً، فالمحكَّم في هذا الاتجاه هو العقل.
وتعددت الآراء والمذاهب الفلسفية والاجتماعية وغيرها ضمن هذا الاتجاه العقلاني، لاختلاف تصورات العقول ومداركها، ولتأثُّر كثير منها بأهواء النفوس، والمصالح الخاصة، ونزعات الأفراد والجماعات، ونزغاتهم وعصبياتهم، وأنانياتهم، مع تعذر تطابق الأهواء والمصالح ودوافع النفوس الأنانية.
وأخذ أعلام الفلسفة والدراسات الفكرية يومئذٍ يصدّرون آراءهم ومفاهيمهم العقلية التأمليّة، ولبست هذه الآراء والمفاهيم لباس العقلانية، وصارت لدى الجماهير المفتونة بالعقلانية ضمن المسلّمات العقلية، وصار العقل الذي يمثّله هؤلاء الأعلام هو الحكَمَ في كل شيء، حتى في الأمور الغيبية التي لا يملك موازين لإثباتها أو نفيها، وبذلك تدخلت العقول مدفوعة بالقلوب المستكبرة، لرفض وإنكار قطعيات دينية غيبية ثابتة في الدين بيقين، مع أنها لا تملك لإدراك هذه الغيبيات عيوناً للمشاهدة، ولا حساً للمس، حتى ولا عكازاً يسمح بالمشي في الظلمات، ولا تملك أيضاً أي دليل منطقيّ للنفي.
وأفرز هذا الاتجاه العقلي الإلحاد وادعاآته الباطلة، والديكتاتورية