للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخطر كتمان الحق كتمان أهل العلم في مسائل العلوم وقضايا المعارف، لأنه يوهم بأنها لا أصل لها، إذ لو كان لها أصل لما جهلها أمثالهم، ولو كانوا يعملونها لذكروها وتحدثوا بها. وكذلك كتمان من لديه شهادة في حق من حقوق الناس، وهو من الذين لهم صلة بالمشهود له أو عليه، وأبان الله أن من فعل ذلك فإنه آثم قلبه.

ولليهود مكر كبير في مجال التضليل بالكتمان، وقد وصفهم الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم بأنهم يكتمون ما أنزل الله، ونهاهم عن ذلك.

فقال الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/٢ مصحف (٨٧ نزول) في سياق خطابه لنبي إسرائيل:

{وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

وقال تعالى في سورة (آل عمران/٣ مصحف/٨٩ نزول) :

{وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * ياأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ياأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ *}

وأبان الله عزّ وجلّ أنه قد أخذ الميثاق على أهل الكتاب أن يبينوه للناس، وأن لا يكتموه، لكنهم لم يوفوا بما عاهدوا الله عليه، فنبذوا الكتاب وراء ظهورهم، وكتموا ما أنزل الله فيه، واشتروا به ثمناً قليلاً. فقال الله عزّ وجلّ في سورة (آل عمران/٣ مصحف/٨٩ نزول) :

{وَإِذَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} .

أي: وما زالت أخلافهم يفعلون فعل أسلافهم، فيشترون بكتاب الله ثمناً قليلاً، فبئس ما يشترون، وهم يجددون ويكررون جرائم أسلافهم. وقد دل على استمرار الأخلاف في عدم بيان الكتاب، وكتمانه، ونبذه وراء ظهورهم، وأنهم يشترون به ثمناً قليلاً، استعمال الفعل المضارع الدال

<<  <   >  >>