تكون أخباره عن الغيوب التي لا أستطيع الوصول إليها بنفسي أخباراً مخالفة لحقيقة الغيب وواقعه.
لكل ذلك فإنه يجب التسليم بها تسليماً قاطعاً لا يداخله ريب.
* * *
منهج الإسلام في المعرفة:
يقوم الأساس الأول للمعرفة في الفكر الإسلامي على قضيةٍ واحدة، وهي: أن المعرفة الصحيحة هي ما كان مطابقاً للواقع والحقيقة.
١- فما كان مطابقاً للواقع والحقيقة فهو حقٌّ، وما كان مبايناً للواقع والحقيقة فهو باطل.
٢- وقد تكون الصورة الذهنية أو القولية مطابقة للواقع والحقيقة من بعض الوجوه، ومخالفة من بعض الوجوه، فيكون فيها من الحق على مقدار المطابقة، ومن الباطل على مقدار المخالفة.
٣- وقد تكون الصورة الذهنية أو القولية مطابقة لبعض الواقع والحقيقة فقط، دون أن يكون فيها مخالفة ما، ولم يقترن بها ادعاء المطابقة لكامل الواقع والحقيقة، فهي إذن المعرفة الناقصة مع كونها حقاً.
هذا هو الأساس الأول للمعرفة في الفكر الإسلامي، ثمّ تأتي وراءه قاعدة كلية، وهي: أن كل وسيلة صحيحة تعطينا صورة صادقة عن الواقع والحقيقة هي وسيلة يجب الاعتماد عليها والثقة بها في تحصيل المعرفة.
والمرجع الأول والأخير دائماً هو الواقع، وبالواقع تقاس النتائج، فإن اكتشفنا ولو بعد حين أن الواقع كان على خلاف ما تصورنا صححنا مفاهيمنا حتى تكون مطابقة له.
على هذا الأساس الأول وهذه القاعدة الكلية قام بناء الفكر الإسلامي، المقرر والمعتمد من كتاب الله عزّ وجلّ وسنة رسوله المجتبى.