للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احتمال الخطأ، يتوافق الحس في إدراكها، كان دليل الحس هو الذي ينبغي اعتماده.

ومن ثَمَّ يُعادُ النظر في دليل الاستدلال العقلي، إذا كان الخلاف معه. أو يُعاد النظر في دليل الخبر الصادق إذا كان الخلاف معه.

وإعادة النظر في دليل الخبر الصادق، قد لا تحتاج أكثر من تصحيح فهم النص، والنظر في فهمه ضمن قواعد فهم النصوص بما يتفق مع النتائج اليقينية التي قدمها دليل الحس.

وذلك لأن الغاية من استخدام وسائل المعرفة إنما هو الوصول إلى معرفة مطابقة للواقع، وليس من الممكن أن يتناقض الواقع مع نفسه.

وحينما يظهر خلاف أو تناقض في النتائج التي قدمتها الوسائل، فلا بُدّ أن خطأً قد دخل حتماً في بعضها أو في كلها، وعندئذ لا مناص من مراجعة الأدلة والتمحيص فيها، وإعادة النظر وزيادة التحري عن الحقيقة لاكتشاف مواقع الخطأ والخلل. وتظل المراجعة مفتوحة حتى يتم اكتشاف المخطئ منها، ثمّ ما يُثبِت منها الواقع والحقيقة بصفةٍ يقينية يكون هو الجدير بالاعتماد، ثُم يعاد النظر في غيره حتى نصححه وننتهي إلى التوافق التام في النتائج، فمن المستحيل في منطق الوجود أن تتناقض الأدلة اليقينية في معطياتها العملية، وحينما نجد التناقض في هذه المعطيات فلا بد من وجود خلل أو خطأ في بعض الأدلة أو في كلها.

وتخضع النصوص الدينية لحكم هذا المنهج العلمي، لأن الحقيقة الواقعة في الوجود هي من خلق الله عزّ وجلّ، والله محيط بكل شيءٍ علماً، وحينما يخبرنا عن شيءٍ منها فلا بد أن يكون خبره مطابقاً لما عليه في الواقع، لأنه يستحيل الجهل أو الكذب عليه سبحانه وتعالى.

والمشكلة قد تأتي-كما سبق إيضاحه- من الخطأ في فهم النص الديني الثابت، وفهم النص الديني عمل اجتهادي إنساني، وهذا الفهم الإنساني للنص قد يصيب وقد يخطئ، فإذا أخطأ الاجتهاد في الفهم

<<  <   >  >>