للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعاصم يردها إلى الصواب، كلما أخطأ سبيل الحق والهداية والرشاد، وهذا العاصم هو الوحي الذي نزل بدين الله لعباده، وشرائعه لخلقه، وتعاليمه التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، لأنها تنزيل من عزيز حكيم، وقد بلغها رسله، أما صورتها المثلى المحفوظة من التغيير فهي ما ثبت في نصوص الشريعة الإسلامية، المنزلة على رسول الله صلوات الله وسلاماته عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

فمن تبصّر بالأصول العامة للأخلاق في المفاهيم الإسلامية، وتبصّر بأن الأخلاق الإسلامية مقترنة بالوصايا والأوامر والنواهي الربانية، وتبصّر بأن هذه الوصايا والأوامر والنواهي محفوفة بقانون الجزاء الإلهي بالثواب أو بالعقاب، فإنه لا بد أن يظهر له بجلاء أن الأخلاق الإسلامية هي حقائق في ذاتها، وهي ثابتة ما دام نظام الكون، ونظام الحياة، ونظام الخير والشر، أموراً مستمرّة ثابتة، وهي ضمن المفاهيم الإسلامية الصحيحة غير قابلة للتغير أو التبدل من شعب إلى شعب، ومن أمة إلى أمة، ومن زمان إلى زمان.

أما الأمة الإسلامية فهي أمة واحدة، وهي لا تتواضع فيما بينها على مفاهيم تخالف المفاهيم التي بينها الإسلام، والتي أوضحها في شرائعه ووصاياه.

وإذا رجعنا إلى مفردات الأخلاق الإسلامية، وجدنا أن كل واحدة منها - ضمن شروطها وقيودها وضوابطها - ذات حقيقة ثابتة، وهي غير قابلة في المنطق السليم للتحول من حسن إلى قبيح، أو من قبيح إلى حسن. إن حسنها حسنٌ في كل زمان، وقبيحها قبيح في كل زمان، ولا يؤثر على حقيقتها أن تتواضع بعض الأمم على تقبيح الحسن منها، أو تحسين القبيح، تأثراً بالأهواء، أو بالشهوات، أو بالتقاليد العمياء.

إن الإسلام يقرر مثلاً أن حب الحق وكراهية الباطل فضيلة خلقية، ويقرر أن كراهية الحق وحب الباطل رذيلة خلقية، فهل يشك إنسانٌ سويٌّ عاقل في أن هذه الحقيقة حقيقة ثابتة غير قابلة للتحول ولا للتغير، وإن

<<  <   >  >>