للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبسبب الاستخفاء والسرية ودسائس المنافقين من يهود وغيرهم، وجهل كثير من المنتمين إلى المسيحية، انقسم المسيحيون إلى طوائف متعددة، وفرق متباينة في مذاهبها الاعتقادية. فمنهم الموحدون، ومنهم اعتقدوا ألوهية المسيح عيسى، وآخرون اعتقدوا أن المسيح ابن الله، ومنهم من لفق فكرة الأقانيم الثلاثة: "الأب والابن وروح القدس" وجعلها إلهاً واحداً. إلى غير ذلك من معتقدات. ولكن ظروف الاضطهاد الذي كان ينزل بهم جميعاً لم يسمح لطوائفهم بأن تتصارع فيما بينها تصارعاً سافراً.

قسطنطين الأول الأكبر واعتناقه المسيحية:

ثمّ جاء الإمبراطور الروماني "قسطنطين الأول الأكبر" الذي وصل إلى عرش الإمبراطورية على جسر من أشلاء النصارى الذين بذلوا دماءهم من أجل إيصاله إلى الحكم ليظفروا بعطفه على النصرانية متى صار إمبراطوراً، وقد حكم الإمبراطورية من سنة (٣٠٦) إلى سنة (٣٣٧) ميلادية، فبدا له بعد ست سنوات من حكمه، أي: في سنة (٣١٣م) أن يعتنق المسيحية، دون أن يبتعد كثيراً عن وثنية روما التي كانت دين أسلافه، وهي عقيدة وثنية قائمة على التثليث، وكان هذا ثمرة تأييد النصارى له.

فأصدر مرسوماً بذلك، ولبست الوثنية الرومانية منذ ذلك الحين ثوب المسيحية، وثم ثمّ عطف الإمبراطور على المسيحيين، وسمح لهم بإعلان طقوسهم وعباداتهم، وربما دفعه إلى ذلك أيضاً خوفه على عرش الإمبراطورية من أن يسقط في أيدي المسيحيين، الذين تكاثروا تكاثراً عظيماً في مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية، رغم أنواع الاضطهاد الذي كان قد سُلّط عليهم فيما سبق.

ولما شعر المسيحيون بأنهم ملكوا حريتهم الدينية، وحرية التبشير بالمسيحية، ظهرت خلافات طوائفهم المختلفة، وبدأت الصراعات المذهبية تظهر بينهم، ولما رأى الإمبراطور "قسطنطين" طوائفهم المختلفة، وأخذت تظهر صراعاتهم المذهبية، أراد أن يتدخل في شؤون الكنيسة، ليعتمد مذهب إحدى الطوائف المتصارعة المختصمة فيما بينها، والتي يكفر بعضها

<<  <   >  >>