للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكرر في كتابه المذكور عبارة "وظيفة الخرافة" مؤكداً بها أن للخرافة التي يخترعها الإنسان بمحض تخيُّلاته ظاناً أنها حقيقة، وظيفةً نافعة في حياته. وبالخرافة الدينية يدافع عن نفسه، ويقيها من الخطر الذي يتعرّض له من جرّاء اتجاهه العقليّ الصرف، وهو خطر تجميد نفسه، وتعطيل طاقاته الحيويّة عن التحرّك الفعّال المنتج.

وقال عن الدين - وكان يتحدث عن الدين البدائي - في الصفحة (١٣٥) من كتابه ما يلي:

" فمما لا شك فيه أن انفعال الإنسان بإزاء الطبيعة أصل من أصول الأديان. ولكننا نعود فنقول: إن الدين ليس خوفاً بقدر ما هو ردّ فعلٍ ضدّ الخوف، ولم يصبح إيماناً بآلهة فوراً ".

وقال قبل هذا بقليل ما يلي:

"وجدنا أن أصل المعتقدات التي أتينا على دراساتها إنما هي ردّ فعل دفاعي، تقوم به الطبيعة محاربة لتثبيط مصدَرُه العقل. وردّ الفعل هذا يثير في العقل ذاته صوراً وآراءً تُفْني التصوّر المثبط، أو تمنعه من أن يصير إلى فعل. فيرى كائنات تنبثق، وليس من الضروري أن تكون شخصيّات تامّة. بل يكفي أن تكون لها نيّات، بل أن تكون هي نيّات. فالاعتقاد إذن جوهره الثقة، وأصله الأول ليس هو الخوف، بل الأمان من الخوف ".

وقال في الصفحة (١٥٠) :

"نفترض وجود فعالية غرزية، ثمّ ينبثق العقل، فننظر: هل نجم عن ذلك اختلال خطر. فإذا كان ذلك هبّت الغريزة، فأوجدت في هذا العقل الذي سبّب الاختلال تصوّرات تردّ التوازن إلى ما كان عليه. وهذه التصورات هي الأفكار الدينيّة ".

وذكر نظير ذلك في عقيدة الحياة بعد الموت، وأنها ردّ فعل دفاعي من الغريزة لمنطق العقل الذي يرى الموت، ويدرك أن الطبيعة جعلته نهاية حتمية للحياة، دون أن يكون وراءه شيء.

<<  <   >  >>