للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن أي صاحب خيال يستطيع أن يقول أية فكرة تخطر في وهمه، ويزينها بصبغة كلامية، وزخرف من القول، ثمّ يطرحها في الميادين الفكرية، ويجعلها مذهباً فكرياً.

ولقد يكثر في الناس الخياليون الخرافيون، لكن المشكلة تبدو حينما يقوم بهذه العملية نفسها أناس عرفوا في الأوساط العلمية علماء باحثين، أو دارسي فلسفة، أو متتبعي معرفة، أو مكتشفي نظريات مقبولة، ولكن يكون لهم هوى، أو يكونون أعضاءً في منظمة ذات مصالح سياسية أو اجتماعية، فيستخدم مركزه العلمي، ليصدّر أفكاراً باطلة تخدم هواه، أو تخدم أهداف منظمته أو قومه، فيتداولها الناس تقديراً لمركزه العلمي، لا تقديراً للأفكار نفسها.

وكم قدّم أحكاماً تقريرية بدون أي دليل، أنكر حقائق يشعر بها الناس جميعاً بدون أي دليل أيضاً، وقلب المفاهيم بادعاءات باطلات.

وما أسهل على أي مبطل، أن ينكر بلا دليل، أو يثبت بلا دليل.

الكاشف السادس: يقول: "بوخينسكي" أستاذ الفلسفة بجامعة "فريبورج" بسويسرا، بعد عرضه آراء "سارتر" في الوجودية: "وليس في وسعنا هنا سوى الاقتصار على ذكر النتائج الأخلاقية التي ترتبت على هذه الفلسفة ...

والتي تمثلت في نكران كل القيم، وكل القوانين الموضوعة، وفي ادعاء عدمية - واستحالة وعدم جدوى الحياة الإنسانية، بل إن الوجودية قد أفرغت حتى ظاهرة الموت نفسها من معناها على يدي سارتر.

ومن نتائج الوجودية أيضاً، دعوتُها إلى التشكيك في جدوى قيام ما يتسم بروح الجد وطابعه، فهي فلسفة انحلالية عدمية تماماً".

<<  <   >  >>