للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصفية الإنسان ذي النظرتين، ليحل محلّه الإنسان ذو النظرة الواحدة، ومن هنا أخذ "ماركوز" عنوان كتابه "الإنسان ذو النظرة الواحدة".

ويعني بالنظرة الواحدة نظرة الإنسان إلى حاجاته الجسدية، وإهماله لحاجاته الحقيقية، التي تتحقق بحريته الحقيقية في أن يكون سيّد نفسه بنفسه، لا يخضع لأحد، ولا يستكين لأحد. (أي: إن الثقافة الغربية جعلت الإنسان الغربي لا ينظر إلا بعين احتياجاته الجسدية الماديّة فقط) .

ورأى أن اللغة المعاصرة في المجتمعات الغربية، قد انحطت حتى صارت خادمة للنظام الجماعي "التوتاليتاري" الغربي المعاصر، فقد غدت مجرد اختصارات ورموز لأشياء مادية، حتى الرغبة الجنسية بإطلاقها وإشباعها بطريقة سطحية، قد صارت من الأدوات الخادمة للنظام الاستبدادي القائم، على خلاف ما كان يقصد إليه "فرويد".

٨- بعد أن عرض "ماركوز" تصوراته السالفة عن المجتمعات الغربية، رأى أنه قد هيأ ما يلزم لتوجيه مخططه الثوري، ويبرز ذلك بالنقاط التالية:

* إن مصلحة الإنسان الحقيقية إنما تتحقق بحصوله على احتياجاته الحقيقية، التي تكون بحريّته في إدارة نفسه بنفسه، وبأن يكون هو سيد نفسه بنفسه، لا سلطان لأحد عليه.

* لكن الجماهير في المجتمعات الغربية الصناعية الراقية قد أصبحت راضية سعيدة، مخدّرة بما تُقدِّم لها هذه المجتمعات من تأمين احتياجاتها السطحية الزائفة.

* فمسؤولية إيصال هذه الجماهير الراضية المخدّرة بأمور زائفة، للمستوى الذي تحصل فيه على احتياجاتها الحقيقية، إنما تقع على الصفوة الواعية من الناس، فهي التي تستطيع تغيير هذا الواقع، وتحقيق الأمر المنشود، لأنها هي الأكثر وعياً بمتطلبات العصر وبمتطلبات الأكثرية.

* ولا سبيل أمام الصفوة لتأسيس مجتمع المستقبل القائم على

<<  <   >  >>