الكاشف الرابع: إن الدين الذي اخترعه "أوجست كونت" وسماه "ديانة الإنسانية" دينٌ خرافيٌ ترفُضه واقعيّةُ المجتمع البشري ولا تتقبله، بشهادة الواقع في دول العالم الغربي الذي أُعجب بفلسفته، وبعد أن اندفع لِتَقَبُّلِ دينه بعض الناس، رأوا بالتجربة الواقعية أنه دين تافه، فتلاشى هذا الاندفاع، وانطوت دعوته في الأحافير.
إن باستطاعة أي إنسان ذي خيالٍ يجول في أوهام التصورات أن يصنع ويَخترِع ديناً أفضل وأتقن من دينه لسعادة الناس وتقدُّمهم، وأن يضع له برنامج عمل أفضل وأتقَنَ من برنامجه، ونجد عند المصابين بلوثات في عقولهم أشباه هذه المخترعات وأكثر منها.
ولكن أين يكون الواقع الحقُّ الذي يرتبط به مصير الناس؟! وكيف تكون النتائج الوخيمة بترك الحق وابتداعِ صُوَرٍ من الباطل؟!
ليست المشكلة في أن نخترع ونبتدع، ولكن المشكلة في أن نهتدي إلى الحق الذي ترتبط به المصلحة والسعادة، لا سيما إذا كان الأمْرُ يتعلّق بمصير أبديٍّ خالد، مقرونٍ بنعيم، أو عذاب أليم.