البرهان الثامن: وهو ما سبق شرحه في مناسبات متعدّدة، وهو ما أسميه "دليل الإلزام العقلي بين الوجود والعدم" وخلاصته:
لا بد أن يكون الوجود هو الأصل، وإلا لم يوجد شيء البتة، لأن العدم المطلق الشامل لا يمكن أن يتحول بنفسه إلى الوجود، ولا يمكن أن يوجد شيئاً غيره.
وبما أن الوجود هو الأصل فيجب أن يكون للموجود الذي هو الأصل الكمال المطلق، ويجب أن يكون كل وصف فيه واجب الوجود.
لكننا في كون ليس لعناصره صفات الكمال المطلق، إذن: فالموجود ذو الكمال المطلق غير هذا الكون، وهو الذي خلق هذا الكون، وأودع فيه من الأدلة والشواهد ما يدل عليه، ومنح الفكر للإنسان ليمتحنه في قضية الإيمان بخالقه.
* * *
هذه البراهين الأصول يمكن أن تكتب حولها تفصيلات وبحوث مستفيضة تملأ مجلدات.
فموقف الفكر الإيماني موقف من يعرض براهينه وأدلته العقلية والعلمية بقوة، ويستطيع أن يجادل بها، ويُقنِع ويُسكت كل منصف طالب معرفة الحق، غير مغالط ولا مراوغ ولا كذاب.