للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميل، ولكن افرض أن المريض أصيب بالجنون بدلاً عن كونه قد استطاع أن يتسامى. افرض أنه قتل نفسه، أين تكون إذن هذه المواءمة بين الأضداد بين الجميعة؟! أين يكون التقدم من الأدنى إلى الأعلى في هذه الحالة؟!

(٣)

الجدلية الماركسية

وصاد "كارل ماركس" من "هيجل" آراءه في الجدلية "=الديالكتيك" بعد أن حذف منها نظرتها المثالية، المرتبطة بالله، وأضاف إليها نظرته المادية، فصار مذهبه الفلسفي الجذري "المادية الجدلية".

وبناء على ذلك جعل الدين، والقانون، والسياسة، والأخلاق، والنظم الاجتماعية، والفلسفة، والفن، آثاراً في الوعي الإنساني للجدلية في حركة المادة وتطورها، وجعل هذه كلها صناعة إنسانية، وجعل الإنسان نتاج المادة في حركتها الجدلية، وجعل الفكر فيه نتاجها الأعلى.

وزعم "ماركس" أنه بعمله هذا قد أوقف آراء "هيجل" على قدميها، بعد أن كانت عنده واقفة على رأسها، أي: إن "هيجل" لما اعتبر "جدليته" منطلقة من الله إلى كل الأكوان، فإنه بذلك قد عكس حقيقة الأمر، إذ حقيقة الأمر في ادعاء "ماركس" هو أن الله من اختراع الفكر الإنساني، ومن ابتكاراته التي لا تنطبق على الحقيقة والواقع.

وجعل "ماركس" نظام الجدلية أساساً لكل التغيرات في الطبيعة وفي التاريخ الإنساني بصفةٍ عامة، واعتبره أساساً تتغير على وفقه المجتمعات الإنسانية، من مجتمع "إقطاعي" إلى مجتمع "بورجوازي" إلى مجتمع "اشتراكي" وأخيراً إلى مجتمع "شيوعي" تنتهي فيه كل الطبقات، ولا حاجة فيه إلى سلطة حاكمة.

وأعطى "ماركس" هذه التغييرات التي ذكرها صفة القانون الاجتماعي الحتمي، ليقنع قطعان الجند من الشيوعيين بأن النهاية مضمونة لهم، فهم

<<  <   >  >>