للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشتمل على أن الطبيعة ليست ساكنة، بل هي ملازمة للحركة، وهي في تطور وتغير دائمين.

هذا المبدأ الذي يعرض خاصة من خواص الكون الكبرى، هو من مقررات المؤمنين بالله، سواءٌ أكانوا أتباع دين رباني صحيح أو فلاسفة مثاليين، وهو من الأدلة التي هدتهم إلى حدوث الكون، وحاجته إلى محدثٍ خالق بارئ مصور، إذ يقولون: العالم متغير، وكل متغير حادث، فالعالم حادث، وكل حادث لا بد له من محدث، فالعالم لا بد له من محدث.

وهو لدى أهل الفكر والنظر يتناقض مع ادعاء أزلية الكون وأبديته، فهو لا ينفع المذهب المادي أي نفع، بل هو لدى التحقيق ينقضه ويبطله.

بيد أن الماديين لا بد لهم من إثباته، لأن كل وسائل العلم الإنساني وكل التجارب والملاحظات تثبته، فهم يثبتونه للإيهام بأنه لا يتناقض مع أساس مذهبهم المادي المنكر لوجود الله، كما أنه أحد دعائم "المادية الجدلية" وأفكار النشوء والارتقاء.

الكاشف الرابع: حول المبدأ الرابع من مبادئ الماركسية، الذي يشتمل على أن الوعي لمادة عالية التنظيم وهي الدماغ، وأن الحياة وظيفة من وظائف المادة متى وصل تركيبها إلى وضع خاص.

١- تبين لنا فيما سبق من بحوث حول آراء الداروينية، وآراء الماديين في نشأة الحياة، أن آخر ما توصلت إليه العلوم الإنسانية التي قام بها الغربيون والشرقيون الماركسيون، والتي أنفقوا في سبيلها ألوف الملايين، وعشرات السنين، قد انتهت إلى قرار علمي جازم هو أنه لا تتولد الحياة إلا من الحياة، وأن وسائل العلوم الإنسانية لا تملك تحويل المادة التي لا حياة فيها، إلى أدنى وأبسط خلية حية.

٢- وبما أن الوعي مرتبط بالحياة فهو مظهر من مظاهرها وصفة من صفاتها، فلا سبيل للمادة الميتة أن يكون الوعي أحد وظائفها، مهما كانت عالية التنظيم.

فالعلوم الإنسانية، قد كفتنا مهمة إبطال هذا المبدأ من مبادئ الماركسية وسائر الماديين الملحدين.

على أن مبدأهم هذا هو في الأساس ادعاء غير مقترن بأي دليل عقلي أو علمي، وهو من لوازم مبدئهم الأول الباطل الذين يرون فيه أن المادة هي أساس الوجود وجوهره.

الكاشف الخامس: حول المبدأ الخامس من مبادئ الماركسية، الذي يشتمل على أن كل الأشياء وحوادثها تحوي تناقضات داخلية، مجتمعة متزاحمة في وحدة، يعبرون عنها بوحدة الأضداد أو وحدة المتناقضات. وهي تتصارع فيما بينها وفق نظام "جدلية هيجل" فيدفع بها الصراع إلى التطور الصاعد، إذ هو السبيل الوحيد لحل التناقض أو التضادّ القائم بينها.

إن فكرة اجتماع الأضداد، أو اجتماع المتناقضات، التي اشتمل عليها هذا المبدأ، فكرة تقع الأفكار الخرافية بالنسبة إليها في جانب الممكنات العقلية، أما هي فهي من المستحيلات العقلية، التي يرفض

<<  <   >  >>