للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كشف الزيف

من الظاهر في هذا الافتراء أنه مغالطة قائمة على استغلال التشابه الجزئي بين نظام الإسلام والرأسمالية.

وقد سبق في (الفصل الثالث: مقارنة بين المذاهب الاقتصادية) بيان أن المتباينات في هيئاتها الكلية العامة قد يوجد تشابه جزئي كثير بين عناصرها، وهذا التشابه الجزئي لا يفيد تطابقها، بل تظل متباينة، للفوارق الموجودة بين هيئاتها الكلية العامة، والسبب وجود عناصر اختلاف أساسية وجوهرية بينها.

وذلك مثل التشابه الجزئي بين الإنسان وسائر الحيوانات، مع أن كل نوع منها مباين للنوع الآخر، بسبب وجود صفات أساسية جوهرية تفصله عن سائر الأنواع، وهي التي تُسمّى عند علماء المنطق باسم "الفصل".

إن منطق "رودنسون" في طرح هذا الافتراء منطق عجيب، وبالغ السخف، إنه يوهم بطرحه الذي طرحه أن أي نظام لا يكون نظاماً ذا كيانٍ خاص قائمٍ بذاته، إلا إذا لم يكن فيه أي جزء مشابه أو مطابق لجزءٍ في نظام آخر، ومنطقه هذا شبيه بمنطق من يقول: إن الإنسان لا يمكن أن يكون غير الذئب حتى يقلع عينيه ويصم أذنيه، لأن للذئب عينين وأذنين.

والإسلام في رأي "رودنسون" لا يمكن أن يكون غير الرأسمالية حتى تقلع منه الملكية الخاصة، ونجدع منه التجارة، ونستأصل منه استئجار العمال في الأعمال.

الواقع أن هذا شرط ليكون الإسلام في نظامه الاقتصادي اشتراكياً ماركسياً، وليس شرطاً ليكون مبايناً للرأسمالية، ونظاماً فذاً قائما بذاته ليس رأسمالياً وليس اشتراكياً.

ب- وأما التضليل: فهو ما اشتملت عليه دعوته في كتابه، من أنه لا خوف على العقيدة الإسلامية من الأخذ بالاشتراكية العلمية الماركسية، على اعتبار أنه يمكن فصل النظام الاقتصادي الماركسي عن قاعدته المادية

<<  <   >  >>