أما بعد حمد الله على ما ألهم من الهداية وعصم عنه من الغواية،
والصلاة على محمد، خاتم النبيين، وعلى آله الطاهرين، فإن سبيل من فضل من العباد بالفطانة والرشاد أن يجد في البحث عن أحوال المعاد، والتأمل لما أخذه من الآباء والأجداد بعين الامتحان والانتقاد، فإن رآه فضيلة سمَا لإدراكها، وإن ألفها رزيلة نجا من أشراكها، ليحصى حقائبه بطانًا من الزاد، فإن هاتف الموت بالمرصاد، ولن تحمد العقبى مضيع في تحصين شرعه، وموزع مواقيته على ما ينقاد إليه بطبعه، ولن يظفر بضالة الحق إلا ناشدوها، ولن يبهرج الأباطيل على أنفسهم إلا مفسدوها.
الغرض الأقصى من إنشاء هذه الكلمة الرد على أهل اللجاج والعناد،
بأن نظهر ما يعتور كلمتهم من الفساد، على أن الأئمة - ضوعف ثوابهم - قد انتدبوا قبلي لذلك، وسلكوا في مناظرة اليهود أنواع المسالك، إلا أن أكثر ما نوظروا به يكادون لا يفقهونه، ولا يلتزمونه.