التى كان الإمام الهاروني يحرقها قبيل أوان الحج، ونجاسة طاهرهم بذلك الرماد بعينه.
على أن الذي يروم تنزيله منزلة هذا أقرب كثيرًا إلى العقل، فإن الأفعال
والأوامر الإلهية منزهة عن الوقوف عند مقتضى العقول البشرية.
وإذا كانت التعبدات الشرعية غير عائدةٍ بنفع لله، عز وجل، ولا دافعةٍ عنه
ضررًا، لتنزهه، سبحانه، عن الانتفاع والتأذى بشىءٍ فما الذي يحيلُ أو يمنع
كونه تعالى، يأمرُ أمةً بشريعةٍ، ثم ينهى أمةً أخرى عنها، أو يُحرِّم محظورًا
على قوم، ويحله لأولادهم، ثم يحظره ثانيًا على من يجىء من بعده!
كيف يجوز للمتعبد أن يعارض الرسول في تحليله ما كان حرامًا على قوم،
ويستدل بذلك على كذبه بعد أن جاء بالبينة، وأوجب العقل تصديقه وتحكيمه، أليس هذا تحكمًا وضلالاً وعدولاً عن الحق.؟!
[إفحام اليهود والنصارى بالحجة العقلية وإلزامهم الإسلام.]
لا يسع عاقلاً أن يكذب نبيًا ذا دعوة شائعة، وكلمة قائمة، ويصدق غيره، لأنه لم ير أحدهما، ولا شاهد معجزاته، فإذا خصص أحدهما بالتصديق، والآخر بالتكذيب، فقد تعين عليه الملام والإزراء عقلاً.
ولنضرب لذلك مثالاً: وهو أنا إذا سألنا يهوديًا عن موسى، عليه السلام،
وهل رآه وعاين معجزاته؟ .. فهو بالضرورة يقرُّ بأنه لم يشاهد شيئًا من ذلك عيانًا.