من أن لا تقبلوه، لأنه إنما أرسل ليقوى أيديكم على أهل فلسطين وليردكم إلى شرع التوراة، وبين صفته، فأنتم أسبق الناس إلى الإيمان به، لأنه إنما يخاف تكذيبكم، من ينسخ مذهبكم، ويغير أوضاع ديانتكم.
فالوصية بالإيمان به، مما لا يستغنى مثلكم عنه، ولذلك لم يكن بموسى حاجة
أن يوصيكم بالإيمان بنبوة أرميا وأشيعيا وغيرهما من الأنبياء.
وهذا دليل على أن التوراة أمرتهم، في هذا الفصل، بالإيمان بالمصطفى عليه السلام، واتباعه.
[الإشارة إلى اسمه - صلى الله عليه وسلم - في التوراة]
قال الله، تعالى، في الجزء الثالث من السفر الأول من التوراة، مخاطبًا لإبراهيم الخليل، عليه السلام:"وأما في إسماعيل فقد قبلت دعاءك، ها قد باركت فيه،
وأثمرِّه وأكثرِّه جدًا جدًا".
ذلك قوله:"وليشماعيل شمعتيخا هنى بير اختى أوتووهر بيثى أوتو بمأ دماد".
فهذه الكلمة "بماذماد" إذا عددنا حساب حروفها بالجمل، كان اثنين وتسعين، وذلك عدد حساب حروف اسم محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإنه أيضًا اثنان وتسعون.
وإنما جُعل ذلك في هذا الموضع ملغزا، لأنه لو صرح به، لبدلته اليهود، أو
أسقطته من التوراة، كما عملوا في غير ذلك.
فإن قالوا: إنه قد يوجد في التوراة عدة كلمات، مما يكون عدد حساب حروفه مساويًا لعدد حساب حروف اسم زيد وعمرو وخالد وبكر، فلا يلزم من ذلك أن يكون زيد وعمرو وخالد وبكر أنبياء.