وتفسير هذه اللفظة " الحكماء"، وكانت اليهود في قديم الزمان تسمى
فقهاءها بالحكماء، وكانت لهم في الشام والمدائن مدارس، وكان لهم ألوف من الفقهاء، وذاك في زمان دولة النبط البابليين، ودولة اليونان، ودولة
الروم حتى اجتمع الكتابان اللذان اجتمع فقهاؤهم على تأليفهما، وهما
"المشنا والتلمود".
- فأما المشنا فهو الكتاب الأصغر، ومبلغ حجمه نحو ثمان مائة ورقةٍ.
- وأما التلمود فهو الكتاب الأكبر، ومبلغه نحو نصف حمل بعير، لكثرته،
ولم يكن الفقهاء الذين ألفوه في عصرٍ واحدٍ، وإنما ألفوه في جيلٍ بعد جيل، فلما نظر المتأخرون منهم إلى هذا التأليف، وأنه كلما مرَّ عليه قوم زادوا فيه، وأن في هذه الزيادات المتأخرة مما يناقض أوائل هذا التأليف، علموا أنهم إن لم يقطعوا ذلك، ويمنعوا من الزيادة فيه، أدى إلى الخلل الظاهر والتناقض الفاحش، فطفقوا الزيادة فيه. ومنعوا من ذلك، وحظروا على الفقهاء الزيادة فيه، وإضافة شىءٍ آخر إليه، وحرموا من يضيف إليه شيئًا آخر، فوقف على ذلك المقدار.
وكانوا أئمتهم قد حرَّموا عليهم في هذين الكتابين مؤاكلة الأجانب، أعني من
كان على غير ملتهم، وحظروا عليهم أكل اللحمان من ذبيحةِ من لم
يكن على دينهم، لأنهم - أعني علماءهم وأئمتهم - علموا أن دينهم لا يبقى عليهم