فانقاد اليهود البغداديون إليهما، مع ما يدعونه من الذكاء، ويفخرون به من
الحب، انقادوا بأسرهم إلى تصديق ذلك، وذهب نسوانهن بأموالهن
وحليهن، إلى ذينك الشخصين، ليصدقا به عنهن، على من يستحقه -
بزعمهما. وصرف اليهود جل أموالهم في هذا الوجه، واكتسوا ثيابًا خضرًا،
واجتمعوا في تلك الليلة على السطوح، ينتظرون الطيران - بزعمهم -
على أجنحة الملائكة إلى بيت المقدس، وارتفع للنسوان منهم بكاء على أطفالهن المرتضعين، خوفًا أن يطرن قبل طيران أولادهن أو يطير أطفالهن قبلهن، فتجوع الأطفال بتأخر الرضاع عنهم!
وتعجب المسلمون هناك مما اعترى اليهود حينئذ، بحيث أحجموا عن
معارضتهم، حتى تنكشف آثار مواعيدهم العرقوبيَّة، فمازالوا متهافتين إلى الطيران إلى أن أسفر الصباح عن خذلانهم وامتهانهم، ونجا ذانك المحتالان بما وصل إليهما من أموال اليهود، وانكشف لهم بعد ذلك وجه الحيلة، وما تظاهرو به من جلباب الرذيلة.
فسموا ذلك العام، عام الطيران، وصاروا يعتبرون به سنى كهولهم والشبان،
وهو تاريخ البغداديين من المتهودة في هذا الزمان، فكفاهم هذا الأمر عارًا دائمًا وشنارًا ملازمًا!