للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه قد دخل بسبب المساواة في التعامل بين الأخيار والأشرار، من الكفر والفسوق والعصيان ما يعلمه إلا الله في بلاد المسلمين، حتى صار منهم معاونين لأهل البغي والفساد، ظنا منهم أنهم إذا كانت لهم أحوال من الصلاح في تأدية بعض شعائر العبادة فإن ذلك يكفي عن أعمال القلب والجوارح في مسألة الحب في الله والبغض فيه، وما علم أولئك أن الله قد فرق بين أهل طاعته وأهل معصيته، على أساس أعمالهم، قال تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [الجاثية: ٢١] وقال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [القلم: ٣٦] وقال تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) [ص: ٢٨] فقرن تعالى في الآية الأولى والأخيرة بين الإيمان والعمل وبين اختلاف العمل بينهما ثم بين نتيجة كل عمل ومآله.

والإيمان يزيد وينقص، والعمل تابع له في ذلك، فمن الأعمال ما يزيد الإيمان بها، ومنها ما تنقصه حتى ينتهي الإنسان إلى الكفر والردة أعاذنا الله من ذلك.

فإيذاء المسلم بالقول والعمل سبب في نقص الإسلام أو نفيه بالكلية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (١).

وقد سأل الشيخ حسين والشيخ عبد الله أبناء الشيخ محمد -رحمهم الله- عمن قال: لا أتعرض لمن قال: لا إله إلا الله ولو فعل الكفر والشرك وعادى دين الله.


(١) رواه مسلم: انظر صحيح مسلم (١/ ٦٥) كتاب الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>