للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الموالاة، يقول الله تعالى مخبرا عن ذلك: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال: ٧٣].

فأشار سبحانه وتعالى إلى قطع الموالاة بين المؤمنين والكافرين وأن الكفار بعضهم أولياء بعض، كما أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض وهذه حقيقة ثابتة لا يشك فيها إلا مرتاب، فهل يمكن أن يرفع علم الجهاد ويدحر أهل البغي والفساد، وأن يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بدون الحب في الله والبغض في الله، وبدون الموالاة في الله والمعاداة فيه؟

إنه لو كان الناس متفقين على طريقة واحدة، ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء لم يكن هناك فرق بين أهل الحق وأهل الباطل، ولا بين المؤمنين والكافرين، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (١).

وعلى هذا فلا بد أن يكون للمؤمن أعداء يبغضهم في الله، وأولياء يحبهم في الله، لأن الأرض لا تخلو من أعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين، فما خلت منهم زمن الرسل والأنبياء، فكيف بأزمان الفتنة في آخر الزمان؟

قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) [الأنعام: ١٢٢] فالدنيا هي دار الصراع بين الحق والباطل وابتلاء الأخيار، بالأشرار، والمؤمنين بالفجار.

أما الدار الآخرة فهي الدار التي لا معاداة فيها ولا بغضاء، قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [الحجر: ٤٧].


(١) انظر: مجموعة التوحيد (١١٧، ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>