للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البغض في الله، من أوثق عرى الإيمان، وهو أصل الترك، وجعل المنع لله، من كمال الإيمان، وهو أصل الترك أيضا، فبراءة الخليل عليه السلام من قومه المشركين ومعبوداتهم ليست تركا محضا، بل صادرا عن بغض وعداوة لهم، لبغضهم ومعاداتهم لله (١). ثم يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب إن الله سبحانه وتعالى يحب عباده المؤمنين، فيريد الإحسان إليهم، وهم يحبونه فيريدون طاعته، وما من مؤمن إلا ويجد في قلبه محبة الله ورسوله والمؤمنين، والمحبة هذه تكون لكل محبوب بحسبه محبة الله هي الأساس، ومحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من محبة الله، ومحبة المؤمنين من محبة الله ومحبة رسوله، فإذا سمع المؤمن، من يسب أحد هؤلاء المحبوبين لديه، هان عليه ذلك الساب وانعقد القلب على عداوته، ومهاجرته، بل وجب السعي إلى إرجاعه إلى الحق أو محاربته على ذلك، خاصة إذا كان السب لله أو لرسوله - صلى الله عليه وسلم - لأن ذلك لا يصدر إلا عن كافر أو مرتد عن الإسلام (٢) قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) [المجادلة: ٢٢].

وعلى هذا فإن بغض الكفار واجب ومحبتهم ممتنعة، وعلى العكس من ذلك أهل الإيمان، فإن حبهم واجب وبغضهم ممتنع، يقول الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمهم الله وهو من العلماء العاملين في رسالة بعث بها إلى بلاد العجم وبلاد الروم قال فيها: نحن لا نكفر إلا من عرف التوحيد وسبه وسماه دين الخوارج، وعرف الشرك وأحبه وأحب أهله ودعا إليه وحض الناس عليه، بعد ما قامت عليه الحجة، وإن لم يفعل الشرك أو فعله وسماه بغير اسمه، بعد ما عرف أن


(١) ملحق المصنفات للشيخ محمد بن عبد الوهاب (٣٦).
(٢) انظر العقيدة الإسلامية، محمد بن عبد الوهاب (ص٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>