للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أيضا عن امرأة يقال لها فسيلة قالت: سمعت أبي قول سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال: لا «ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم» (١).

ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله: إن الله افترض على المؤمنين عداوة المشركين من الكفار والمنافقين ومن حذا حذوهم، وقطع الموالاة بين المؤمنين والكافرين وبين أن من تولى الكفار فهو منهم (٢) قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة: ٥١] وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) إلى قوله: (وَمَنْ يَتَوَلهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة: ١ - ٩].

فنأخذ من تلك الآيات، أن موالاة الكافرين أمر عظيم، ومبدأ خطير وذلك مما عرضته الآيات من شدة النهي والزجر، مع صحابي علم الله واطلع رسوله - صلى الله عليه وسلم - على أن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه فعل ذلك مع سلامة القصد، ويقين القلب بالإسلام، ولكن مع ذلك أنزل فيه آيات بينات ووقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثائرا يقول: يا رسول الله دعني أضرب عنقه فقد نافق، فيرد عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يا عمر إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (٣). فأعطت الآيات التسع من أول سورة الممتحنة حجمًا عظيمًا لهذه الحادثة،


(١) رواه ابن ماجه المصدر السابق (٢/ ٤٦٣).
(٢) انظر مجموعة التوحيد (١١٣).
(٣) تفسير القرطبي (١٨/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>