للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المسلمين بعده، فهو مرتكب لذنب عظيم وإثم كبير، إذا فعل ذلك لغرض دنيوي وكان سليم الاعتقاد، نحو الله ورسوله ودين الإسلام والمسلمين حيث إن حاطب رضي الله عنه أراد بعمله ذلك أن يتخذ يدا عند الكفار يحمون بها أبناءه وأهله، ولو ينو الردة عن الدين ومع ذلك وصف هذا العمل بالضلال قال تعالى: (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) [االممتحنة: ١].

أما من فعل ذلك مع فساد النية وخبث الطوية فهو كافر مرتد (١) وهذا الحكم ينطبق على الذين يستدعون الكفار إلى بلاد المسلمين ثم يطيعونهم فيما يأمرون به من كفر وضلال، ويظهرون لهم الموافقة على دينهم الباطل، ويعينونهم عليه بالمال والرجال والسلاح، بينما يقطعون صلتهم بالمؤمنين خاصة والمسلمين عامة، وربما ناصبوا المسلمين العداء في أقوالهم وأفعالهم فهل يشك أحد في كفر هؤلاء وردتهم عن الإسلام؟ إن من يفعل ذلك يكون خارجا على منهج الله ومنهج رسوله، فإن كان حاكما سقطت ولايته وانحلت بيعته، ووجب عصيانه وعدم طاعته، وإن كان من أدعياء العلم، ثبت إلحاده وانحرافه وزندقته، وإن كان جاهلا، أو متهاونا ثبت ضلاله لعدم سعيه وسؤاله عما لا يعلم حيث إن الله تعالى يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [الأنبياء: ٧].

فكثير من مدعي الإسلام في عصرنا الحاضر داخلون تحت هذا لاحكم فالذين يصححون مذاهب الكفر ويعظمون أحزابه وينتمون إليها ويدعون لها، كفارا وإن اعتقدوا الإسلام أو زعم بعضهم بجهل أو تجاهل أن لا تعارض بين الإسلام وتلك الأحزاب.


(١) أحكام القرآن لابن القيم (٤/ ١٧٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>