للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء: ٦٥}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية والشرك، وما عابه القرآن وذمة ووقع فيه وأقره ودعا إليه، وصوبه وحسنه، وهو لا يعرف أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية، أو نظيره أو شر منه، أو دونه فتنقض بذلك عرى الإسلام ويعود المعروف منكرا والمنكر معروفا، والبدعة سنة والسنة بدعة، ويكفر الرجل بمحض الإيمان وتجريد التوحيد، ويبدع بتجريد متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومفارقة الأهواء والبدع، ومن له بصيرة وقلب حي يرى ذلك عيانا والله المستعان (١) اهـ.

وقد رأى ذلك من قبلنا، ورأيناه في عصرنا الحاضرة بصورة لا مثيل لها فقد ابتلينا بجهلة يدعون علما بلا عمل، ويحملون شهادات كبيرة ولكنهم مع ذلك أشربت قلوبهم حب الشرك والبدع، وقلدوا اليهود والنصارى وأهل الوثنية حذو القذة بالقذة، فقد استحسنوا البدعة، وأنكروا التوحيد والسنة وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل وجهلوا أو تجاهلوا أن الله تعالى عقد الأخوة والموالاة والمحبة بين المؤمنين كلهم، ونهى عن موالاة الكافرين كلهم، من يهود ونصارى ومجوس، ومشركين وملحدين ومارقين ومرتدين، وغيرهم ممن ثبت في الكتاب والسنة والحكم بكفرهم، فعليهم وعلى أمثالهم ممن لم يصلوا إلى درجتهم أن يعلموا أن الله عز وجل، قد أوجب على كل مسلم محبة كل مؤمن موحد، تارك لجميع المكفرات الشرعية، وأن عليه موالاته ونصرته بنفسه، وماله، واعتقاده وكل من كان بخلاف ذلك من أهل الزيغ.


(١) مجموعة التوحيد (٣١٩، ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>