للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلطم عثمان بن مظعون على عينه حتى أثر فيها فقال له بعضهم لقد كنت في ذمة منيعة وكنت في غنية عما لقيت فقال عثمان جوار الله آمن وأعز (١).

فهذا ما فعله السلف الصالح وما يفعله كل مسلم غيور في عصرنا الحاضر فمهما انحرفت الأمة عن جادة الصواب فإنها لا تعدم الخير وقد عبر عن هذا المعنى من المسلمين المعاصرين عصام العطار (٢) بقصيدة نجتزئ منها قوله ما يلي:

فلا راحة حتى ولو لأن مضجع ... ولو كنت حتى في ظلال البواسق

إذا كان في خلف السجون أشاوس ... تعذب بأيدي كل طاغ ومارق

تمنيت حتى ضجعة السجن بينكم ... على الصخر في جو من الجور خانق

صلابة أرض السجن إن كان بينكم ... أحب وأشهى من طري النمارق (٣)

سابعًا: من صور الموالاة في الله أن يكون المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وقد تحقق هذا في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي عهد الخلفاء الراشدين من بعده، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لأن استنقذ رجلا من المسلمين من أيدي الكفار أحب إلي من جزيرة العرب (٤) وقد روي أن أحد الجنود المسلمين وقع أسيرا في حوزة الرومان وأنهم حملوه إلى إمبراطورهم


(١) انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة (٣/ ٣٨٥، ٣٨٦).
(٢) هو الشيخ عصام العطار تعلم في دمشق وعمل في مجال التربية والتعليم ثم وهب حياته للدعوة إلى الإسلام وقد حقد عليه حزب البعث الكافر فخرج يبحث عن مكان أمين في بلاد الله فلم تتسع له البلاد الإسلامية واستقر في ألمانيا سنوات ولكنه مع ذلك لم يسلم من حقد الطائفة النصيرية الكافرة حيث قد تطاولوا عليه في منفاه فقتلوا زوجته بنان الطنطاوي ولا زال الصراع بينه وبين أعداء الله قائم ومستمر، انظر شعراء الدعوة الإسلامية (١/ ٧٥ - ٩٢)
(٣) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث (١/ ٩١) تأليف أحمد الجمع، حسني جرار.
(٤) انظر كنز العمال (٢/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>