للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكدت الآية المتقدمة قريبا أن من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وعليه غضب من الله ولعنة وله عذاب عظيم، ووردت أحاديث بهذا المعنى وإن كان في طرقها ضعف مثل حديث: «من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله» (١). وحديث: «يجيء المقتول ظلما يوم القيامة معلقا رأسه بإحدى يديه إما بشماله وإما بيمينه أخذا صاحبه بيده الأخرى تشخب أوداجه حيال عرش الرحمن يقول: يا رب سل عبدك هذا علام قتلني»، يقول ابن عباس فما جاء بعد نبيكم نبي، ولا نزل كتاب بعد كتابكم (٢) ولهذا ذهب ابن عباس إلى القول بعدم قبول توبة من يقتل مؤمنا متعمدا وقد ذكرنا أن الراجح هو قبول التوبة، ولكن على كل حال فإن الوعيد في هذه المسألة شديد فيجب على كل مسلم أن ينشد الحيطة والسلامة لنفسه في دنياه وأخراه فلا يقتل مسلما ولا يعين على قتل مسلم بغير حق سواء بالقول أو الفعل حتى ولو أكره على ذلك فإن الإكراه في مسألة القتل لا يعفى من المسئولية الجنائية ولذلك اختلف الفقهاء في أمثال هذه الحال، هل يكون القصاص على الآمر أم على المأمور أم عليهما جميعا؟ وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال هي:

١ - قول جمهور الفقهاء أن القصاص على الآمر والمأمور على حد سواء لاشتراكهما في جريمة القتل، وهو قول مالك والشافعي والمشهور عن أحمد (٣).

٢ - قال جماعة يجب القود والقصاص على الآمر دون المأمور، لأن المكره صار كالآلة في يد الآمر، وهذا القول هو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي (٤).


(١) تفسير آيات الأحكام، محمد على السايس (١٢٦، ١٢٧) وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني (٢/ ١، ٢) رقم الحديث (٥٠٣).
(٢) انظر تفسير آيات الأحكام محمد علي السايس (٢/ ١٢٦، ١٢٧).
(٣) انظر جامع العلوم والحكم، عبد الرحمن بن رجب الحنبلي (٣٥٤، ٣٥٥).
(٤) انظر المصدر السابق المكان نفسه وانظر تفسير القرطبي (١٠/ ١٨٢، ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>