للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) [فصلت: ١٩ - ٢٤].

وقد اختلف العلماء عند حصول الإكراه على الشخص أيهما أفضل في حقه الأخذ بالرخصة فيما أكره عليه، أم الصبر على الأذى وعدم تنفيذ ما أكره على فعله ولو أدى ذلك إلى استشهاده؟ وفي هذه المسألة قولان:

القول الأول: من يقول إن الأخذ برخصة الإكراه أولى من الصبر على الأذى، قال بذلك ابن مسعود رضي الله عنه حيث يروي عنه أنه قال: «ما من كلام يدرأ عني سوطين من أذى سلطان إلا كنت متكلما به» (١) اهـ ..

وقال بعض أهل العراق إن الشخص إذا تهدد بقتل أو قطع أو ضرب يخشى منه التلف فالأولى له أن يفعل ما أكره عليه فيما لا يتعلق بحق الغير، مثل أن يكره على شرب خمر، أو أكل لحم الخنزير فإن لم يفعل حتى قتل خفنا أن يكون آثما لأنه في هذه الحال كالمضطر لأكل الميتة وشرب الماء النجس (٢).

ولو ترك المضطر أكل الميتة أو شرب الماء النجس حتى مات لأثم في ذلك.

وقال ابن العربي: إن التلفظ بالكفر عند الإكراه عليه ناسخ لآيات وأحاديث المصابرة على العذاب اهـ.

فهو يستوي عنده الأمران، التلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه عليها، أو الصبر على العذاب حتى القتل ويكون قتله شهادة (٣).

القول الثاني: قول من يقول إن الصبر على الأذى وتحمل القتل أو


(١) انظر تفسير القرطبي (١٠/ ١٨٢، ١٨٣).
(٢) انظر المصدر السابق (١٠/ ١٨٨).
(٣) انظر أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١١٦٥ - ١١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>