للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا وقع منهم شيء مما يُكره فعله في حق المسلم، وإنما صاروا دعاة إلى الله بأقوالهم وأفعالهم وسببًا في إسلام من أسلم من أهل الحبشة فأين أولئك الصفوة الكرام من الذين يسافرون ويقيمون بدار الكفار في وقتنا الحاضر إننا نجد أن كثيرًا من المنتسبين إلى الإسلام اليوم إذا ذهبوا إلى بلاد الكفار ركنوا إليهم واتخذوهم بطانة من دون المؤمنين، وأظهروا الموافقة والإعجاب والتقدير لأهل الكفر ومناهج الكفار، وعادوا إلى المسلمين دعاة إلى الكفر إلا من عصم الله منهم، فنجدهم ينادون بموادة أهل الشرك ومحبتهم بأقوالهم وأفعالهم، ويستغلون وظائفهم في الإعلام والتعليم وغير ذلك من المجالات لخدمة أعداء الإسلام، ولم يكتفوا بذلك بل إن البعض منهم نصب نفسه لمعاداة الإسلام وأهله، وهذا خروج عن الإسلام أعاذنا الله من ذلك.

أما من يستدل على جواز مساكنة الكفار بقصة مؤمن آل فرعون على اعتبار أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه، فإنه قد أظهر دينه وقام على فرعون وملائه مقامًا عظيمًا، فنصحهم ودعاهم، فقد قال الله عنه: (وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ) (١). فأظهر لهم إيمانه ودعاهم إليه، وقال الله في حقه: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) (٢). فقد قام على آل فرعون مقام أنبيائهم فما داهن في دينه، ولا كتمه بل أظهر المخالفة لفرعون وقومه فما حصل منه إلا ما يحبه الله ويرضاه (٣).

وقد تساءل الشيخ سليمان بن سحمان عن المقام بدار الكفر ثم رد على هذا التساؤل بأبيات هي كما يلي:-


(١) سورة غافر آية (٣٨).
(٢) سورة غافر آية (٤٥).
(٣) انظر الدرر السنية ج٩ ص١٩٧ وانظر الجواب الفائض في الرد على أرباب القول الرائض. سليمان بن سحمان ص٧٥ - ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>