للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسلمين وماتت في نفسه الغيرة على محارم الله وأحكام الإسلام. ويستثنى من ذلك المستضعفون الذين يقيمون مع الكفار بغير رغبة أو رضًا أو اختيار منهم، قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) (١) فهؤلاء لا إثم ولا حرج عليهم، ولكن معظم المسلمين الذين يقيمون في بلدان الكفر اليوم لا ينطبق عليهم وصف الاستضعاف، حيث إن معظمهم يذهب إليها برغبة منه واختيار، ولمقاصد مادية وأهداف دنيوية بحتة، لا صلة لها بالعمل للإسلام والمسلمين، وهذا هو المحذور الشرعي في خلطة الكفار والمقام بينهم (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (٢).

أما المسلم المستضعف الذي يقيم بين الكفار فعليه أن يعلم أن مقامه حالة استثنائية ويجب عليه أن لا يرضى بالمقام بينهم، وأن يعلم أن المقام معهم على هذه الحال ضرورة يجب أن تزول باتخاذ أسبابها العاجلة والآجلة.

قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (٣). فبين تعالى مقالتهم الدالة على أنهم لم يقيموا مختارين للمقام، وذلك أنهم يدعون الله أن يخرجهم، فدل ذلك على حرصهم على الخروج، وأنه متعذر عليهم، ويدل على ذلك وصفهم أهل القرية بالظلم، وسؤالهم ربهم أن يجعل لهم وليًا يتولاهم ويتولونه، وأن يجعل لهم ناصرًا ينصرهم على أعدائهم الذين هم بين أظهرهم.

قال تعالى: (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا


(١) سورة البقرة آية (٢٨٦).
(٢) سورة التوبة آية (٦٣).
(٣) سورة النساء آية (٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>