للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) (١). فذكر تعالى في هذه الآية حالتهم التي هم عليها وهي أنهم لا يستطيعون حيلة للخروج ولا يجدون طريقًا إلى ذلك (٢).

والحاصل من ذلك أن المستضعفين هم العاجزون عن الخروج من بين أظهر المشركين وهم مع ذلك يطلبون من الله أن يهيء لهم الخروج ممن يقيمون معهم على الظلم.

فدل ذلك على أن المسلم إذا كان يقدر على الخروج من بلاد المشركين ولم يمنعه من ذلك إلا الرغبة في وطن المشركين وعشرتهم أو نحو ذلك، فإن الله تعالى لم يعذر من تعذر بذلك وسماه ظالمًا لنفسه فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (٣). قال ابن كثير وغيره: إن هذه الآية عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكنًا من إقامة الدين فهو مرتكب حرامًا بالإجماع وبنص هذه الآية المتقدمة (٤). اهـ.

قال السدي (٥) لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «افد نفسك وبر أخويك»، قال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألم نصل قبلتك ونشهد


(١) سورة النساء آية (٩٨).
(٢) انظر مختصر تفسير ابن كثير/ محمد علي الصابوني م١ ص٤٢٧.
(٣) سورة النساء آية (٩٧).
(٤) انظر تفسير مختصر ابن كثير/ محمد علي الصابوني م١ ص٤٢٧. وانظر زاد المسير في علم التفسير/ عبد الرحمن بن الجوزي ج٢ ص١٧٨.
(٥) هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير القرشي (أبو محمد) مفسر، سكن الكوفة وتوفي سنة (١٢٧هـ) من آثاره تفسير القرآن الكريم. انظر معجم المؤلفين/ عمر رضا كحاله. ج٢ ص٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>