للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادتك، قال «يا عباس إنكم خاصمتم فَخُصِمْتُم» ثم تلى قوله تعالى: (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) (١). رواه ابن أبي حاتم (٢). اهـ.

ومن خلال تلك الآيات يتضح لنا أن المستضعف الحقيقي هو الذي لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً للخروج من دار الكفار أما الذي يقيم مع الكفار برغبته واختياره إيثارًا لحب الأهل والمال والولد والمسكن غير ضائق بالمقام بين الكفار، وهو غير مظهر للدين، فهو كاذب في دعواه وعذره غير مقبول عند الله تعالى ولا عند رسوله، ولا عند أهل العلم بشريعة الله، ولذلك فإن الناس في موضوع الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام على ثلاثة أضرب:

الضرب الأول: من تجب عليه الهجرة، وهو من يقدر عليها. ولا يمكنه إظهار دينه والقيام بواجبات الإسلام مع المقام بين الكفار.

فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (٣). وهذا وعيد شديد يدل على وجوب الهجرة لمن قدر عليها وهو في مجتمع لا يسمح بظهور شعائر الإسلام، لأن إظهار شعائر الإسلام واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (٤).

الضرب الثاني: من لا هجرة عليه بسبب العجز عنها لمرض أو إكراه أو ضعف كالنساء أو الولدان ونحوهم، فمثل هؤلاء لا هجرة عليهم لقوله تعالى: (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً


(١) سورة النساء آية (٩٧).
(٢) انظر مجموعة التوحيد ص٣٠٢.
(٣) سورة النساء آية (٩٧، ٩٨).
(٤) انظر المغني والشرح الكبير ج١٠ ص٥١٤ - ٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>