للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرقا بين من خاف أو لم يخف، ما عدا المكره إكراها ملجئا، فيجوز له الموافقة في الظاهر بالقول، وقلبه مطمئن بالإيمان قال تعالى: (إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) [النحل: ١٠٦] فكيف حال من اتخذ الركون إلى الكفار سياسة وكياسة، ليساعدوه على اغتصاب المنصب والثروة في البلاد الإسلامية؟ إن مثل ذلك كمثل المنافقين الذين قال الله فيهم: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) [المائدة: ٥٢].

ومن هذا نستنتج أن الركون إلى الكفار وموالاتهم من أعظم الذنوب الموجبة لدخول النار، فإن اقترن بذلك حب زوال التوحيد وأهله، واستيلاء أهل الشرك عليهم، فإن هذا من أعظم الكفر وأشد أنواعه (١).

الدليل الثالث والعشرون: قول الله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل: ٣٦].

فهذه الآية تدل على أن الإنسان إذا عبد ربه بطاعته ومحبته ومحبة ما يحبه ولم يبغض المشركين ويبغض أفعالهم ويعاديهم، فهو لم يجتنب الطاغوت ومن لم يجتنب الطاغوت لم يدخل في الإسلام، فهو كافر، لو كان من أعبد هذه الأمة يقوم الليل، ويصوم النهار، وتصبح عبادته كمن صلى ولم يغتسل من الجنابة، أو كمن يصوم في شدة الحر وهو يفعل الفاحشة في نهار رمضان (٢).


(١) انظر مجموعة التوحيد (٢٤١).
(٢) انظر الدرر السنية (١/ ٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>