للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضربوني وأنتم قيل فريد أن نضربكم، فقال يحيى بن معين: والله ما رأيت تحت أديم السماء أفقه في دين الله منك (١).

الدليل الخامس والعشرون: قول الله تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) [الإسراء: ٧٣، ٧٤، ٧٥] قال ابن عباس في رواية عن عطاء أن سبب نزول هذه الآيات أن وفدا من ثقيف، أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه وقالوا: متعنا بآلهتنا سنة حتى نأخذ ما يهدى لها، فإذا أخذناه كسرنا أصنامنا وأسلمنا وحرم وادينا كما حرمت مكة، حتى تعرف العرب فضلنا عليهم، فهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيهم ذلك فنزلت تلك الآيات (٢) وقد أخبر الله عز وجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لو وافقهم لا تخذوه خليلا، من الخلة وهي المحبة التي تؤدي إلى الموالاة والمصافاة والمصادقة للكفار، ثم أخبر أن مثل هذا الركون والميل نحو الكفار ولو كان قليلا موجب لضعف الحياة والممات، ولو كان هذا الميل يقصد به مصلحة الدعوة والإسلام، حيث إن التنازل عن شيء من الدين، يورث التنازل المستمر إلى درجة الصفر، وهو الكفر، لأن الانحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الانحراف الكالم في نهاية المطاف، ولأن أحكام الإسلام وواجباته كل لا يتجزأ، وليس بينها فاضل ومفضول خاصة فيما يتعلق بالواجبات والأركان، وليس فرض ضروري في وقت يمكن الاستغناء عنه في وقت آخر، وما عرضه وفد ثقيف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضه أعداء الإسلام على مدعي الإسلام اليوم إلا أن مادة الطلب تختلف، فثقيف طلبت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - مطالب مقابل وعدها بالإسلام، أما أعداء الإسلام اليوم، فيطلبون من أرباب العلم


(١) انظر مجموعة التوحيد (٢٤٢).
(٢) انظر تفسير القرطبي (١٠/ ٢٢٩، ٣٠٠) وانظر تفسير الطبري (١٥/ ٨٨، ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>