وقالوا: من البديع في الألفاظ المفردة المتتالية أن يؤتى بها على سياق واحد، دون أن يكون بينها ما يَشِذُّ ويَنْبُو عن الذوق الأدبيّ الرّفيع، في دلالتها وفي ألفاظها، وأكثر ما يوجد هذا في الصفات المتتاليات.
وسمّوا إيقاعَها على سياق واحد متلائم:"التعديد" والأحسن أن يُسمَّى "حُسْنَ التعديد".
أمثلة:
المثال الأول: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الحشر/ ٥٩ مصحف/ ١٠١ نزول) :
{هُوَ الله الذي لاَ إلاه إِلاَّ هُوَ الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الآية: ٢٣] .
فجاء البَدْءُ بذكر اسم "الْمَلِك" إذ هُو مَالِكُ كُلِّ شيء وذو السلطان على كلّ شيء، والبدءُ به هو الملائم في السّياق بعد بيان اسمه (الله) ويبان أنّه لا إله بحقٍّ إلاَّ هو، وجاء بعد "الْمَلِك" اسمان من أسماء الله الحسنى متلائمان يتطلَّبهما السياق وهُمَا "القدُّوس" و"السّلاَم" فمعنى القدّوس: الْمُنزَّه عن صفات النقص الّتي لا تليق بالرَّبّ الخالق المعبود. ومعنى السّلاَم: ذو السلامة من كلّ نقص في ذاته وصفاته وأفعاله، فهما متلائمان، وبعد التنزيه يستدعي السياق إثبات صفات الكمال له، وأوَّلُها شُمُولُ علمه كُلَّ شيء، وأنّه يعْلَمُ كلّ شيء علماً يقينيّاً لا يُخَالطه أدنى شَكّ، والاسم الملائم لهذا "المؤمن" وبعد شمول علمه كلَّ شيء يستَدْعي الفكر إثبات هَيْمَنَتِه بقدرته وسلطانه على كُلِّ ما سواه مما هو خالق له، وممّا سيخلقه، فجاء الاسم الملائم وهو "المهيمن" ومن هيمنته بقدرته وسلطانه، أنْ يكون قويّاً ذا قوّة غالبة، لا يستطيع معارضٌ أن يعارضها، فجاء الاسم الملائم