للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقع، مُلاَحِظاً علاقَةً ما أو مُلاَبسَةً ما تَسْمَحُ لَهُ بأنْ يُسْنِدَ هذا الإِسناد، دون أَنْ يتَّهِمَهُ أحَدُ بالكذِب، فهو إسنادٌ مجازيٌّ، ويُسمَّى هذا "مجازاً عقليّاً" لأنّه وقَعَ في الإِسناد، لا في الْمُسْنَدِ، ولا في الْمُسنَدِ إليه.

ويُلْحَقُ به كلُّ وَصْفٍ "صفة أو حال" إذا بنيت منه ومن الموصوف جملة مفيدة كان الإِسناد فيها إسناداً مجازيّاً، كما سيأتي في الأمثلة.

الأمثلة:

* كقولنا: "رَبِحَتْ تِجَارَةُ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه" ففي هذه الجملة أُسْنِدَ الرّبْحُ إلى التجارة، مع أنّ الرابحَ هو صاحبُها: "عبد الرحمن بن عوف".

وحين أسندنا الربح إلى التجارة لم نكن نعتقد أنّ التجارة هي التي ربحت، وإنّما الذي ربح هو صاحبها، ولكنْ أرَدْنَا أنْ نُعَبِّر تعبيراً مجازيّاً قائماً على ملاحظة أثَرِ الحركة التجاريّة الحكيمة الذّكيّة التي قام بها عبد الرحمن والّتي حقَّقَ بها الرّبْح، فصحَّ في تصوُّرنا أن نُسْنِدَ الرّبْحَ إلى التجارة نَفْسِها، للإِشْعَارِ بقيمة المهارة التي اشتملت عليها تجارته.

وبما أنّ التجارة هي عَمَلُ عبد الرحمن فبينها وبينه مُلابَسَةٌ قويَّةٌ، وعلاقَةٌ واضحةٌ، هي علاقة العامل بعمله، أو نقول: هي علاقة الفاعل "وهو عبد الرحمن" بالمفعول به "وهي التجارة" إذ كان المفعول به سبباً في تحقيق الربح لعبد الرحمن "الفاعل".

* وكقولنا: "قَتَلَتِ الْمُتَهَوِّرَ حَمَاقَتُهُ" مع أنَّهُ قَدْ قُتْلَ بِيَدِ خصومه الّذين نازلهم في تهوُّرِه بدون أن يحسب حساباً للنتائج.

ففي هذه الجملة قد أسندنا القتل إلى الحماقة، فجعلناها هي القاتلة، مع أنّ القاتل هو البطل الخصم الذي نازله، وهو غير كفءٍ لمنازلَتهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>