للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْدَى بِهِ الدَّهْرُ يَوْماً فَهْيَ مُرْزِمَةٌ ... قَدْ سَاعَدَتْهَا عَلى التَّحْنَانِ أَظْآرُ

تَرْتَعُ مَا غَفَلَتْ حَتَّى إِذَا ادَّكَرَتْ ... فَإنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وإدْبَارُ

يَوْماً بِأَوْجَعَ مِنِّي يَوْمَ فَارَقَنِي ... صَخْرٌ ولِلْعَيْشِ إِحْلاَءٌ وإِمْرَارُ

عَجُول: أي: ثَكْلَى، ومُرَادُها: ثَكْلَى من النوق.

بَوّ: جِلْدُ وَلَد الناقة يُحْشَى تِبْناً ويُقَّرَّبُ من أمْه الثكلَى لتدر عليه.

تُطِيفُ به: أي: تَدور حوله.

أَوْدَى به الدّهر: أي: أهلكه.

مُرْزِمَة: يُقالُ" أزْرَمَتِ الناقة، إذا صوّتَتْ حنيناً على ولدها.

أَظْآرُ: أي: نوقٌ تُرْضِعُ غَيْرَ أَوْلادها من حنينها على أولادها.

وللعيش إِحْلاَءٌ وإمْرَارُ: أي: وللعيشِ أحوال يُقَدّمُ بها حلاوة، وأخرى يقدّم بها مرارة.

والشاهد في قولها:

تَرْتَعُ مَا غَفَلَتْ حَتَّى إِذَا ادَّكَرَتْ ... فَإنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وإدْبَارُ

أي: هذه الثكْلَى مِنَ النوق تَرْتَعُ (أي: ترعَى) في أوقات غفلتها وسُلُوّها عن ولَدِها، حتَّى إذا إذا تذَكَّرَت وَلَدَها ثار بها الحنين فصارت تُقْبِلُ وتُدْبِرُ على غير هُدىً، لكن الخنساء لم تَقُلْ هكذا، وإنما جعلَتِ الناقَةَ كُلَّها هي الإِقبال والإِدْبار، فقالت: "فإنَّمَا هِيَ إقْبَالٌ وإِدْبارُ"

الإِقبال مصدَرُ "أقبل" والإِدْبارُ مصدر "أدْبَر" ومرادُها الإِشعارُ بأنّها صارت في التَّصَوُّر إقبالاً وإِدْباراً، لطغيان هذين الوصفين على الذات وسائر الصفات.

* قولي صانعاً مثلاً:

يَرَى السُّخَفَاءُ الْمُلْكَ عَرْشاً وَتَاجَهُ ... وَمَا الْمُلْكُ إِلاَّ الْعَدْلُ والْجُودُ والْحَزْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>