صاحبها، ولكنّ الْمشَاعِرَ النفسيّة مَدَّتْ أبْعَادَ الهجْرِ، فجعَلَتْ الدارَ كُلَّها مهجورة، مع أنْ المتكلّم يَعْلَمُ أنّ الهجْرَ هو لصاحب الدار، لا للدّار، فتجوَّزَ في التعبير لِيُشْعِرَ الآخرينَ بما شعَرَ هو به.
* وقولهم: سَيْلٌ مُفْعَمٌ، ففي هذا إسناد اسم المفعول "مُفْعَم" إلى السيل، مع أنَّ المفعَمَ (أي: المملوءَ) هو الوادي الذي جرى فيه السي، أمّا السيل فهو "مُفْعِم" بكسر العين اسم فاعل.
* وقول الله عزّ وجلّ في سورة (هود/ ١١ مصحف/ ٥٢ نزول) :
{إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ذلك يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ الناس وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ}[الآية: ١٠٣] .
الشهود: هو الحضور المصحوب بإدراك الحواس.
فجاء في هذا النصّ إسنادُ المشهوديّةِ للْيَوْم، مع أنَّ اليوْمَ اسْمٌ لزمَنٍ، وهو لا يُدْرَكُ بالْحوَاسّ، لكِنّ الذي يُشْهَدُ ويُدْرَكُ بالحواسّ هو ما يَحْصُل في اليوم من أشياء وأحداثٍ تُرى أو تُسْمَع أو تُلْمَسُ. ولمّا كان كلُّ شيءٍ في ذلك اليوم سيكونُ مشهوداً محضوراً غير غائب، كان إطلاق المشهوديَّةِ على اليوم دالاًّ على هذِهِ المشهوديَّة الشّاملة لكلّ ما فِيه بأخْصَرِ عبارَة، فَهُو مِنَ المجاز العقليّ.
رابعاً - من الصفة الْمُشَبَّهَة: * قولنا: فلانٌ رِداؤه شَريف، وإزارُه عفيف، ففي هذا القول إسناد الشرف إلى الرداء، والمراد أنه شريف الحسب والنسب، وإسناد العفّة إلى الإِزار، والمراد أنّه ذو عفّةٍ في فرجه الواقع تحت الإِزار، والملابسة واضحة.
كلمتا "شريف وعفيف" هما صفتان مشبهتان، والصفة المشبّهة، هي لفظ مصوغٌ من مصدر اللازم للدلالة على الثبوت، مثل: أحمر وحمراء، وعطشان وعطشى، وحسَن، وشجاع، وجبان، وفَرِح، ونَجِس، وطاهر، وبخيل، وكريم.