وبسط الكلام يكونُ كما يلي: مَا كان الله ليذر المؤمنين على ما هم عليه من الدَّعَة والأمن والرَّخاء، وأنتم من المؤمنين، فما كان الله ليَذَرِكُمْ على ما أنْتُم عليه، حتَّى يميز بالامتحان الشديد على النفوس الخبيثَ من الطَّيب في الأعمال والأقوال والنيّات وحركات النفوس الإِرادِية.
ومن فوائد الالتفات من الخطاب إلى الغيبة الإِشعارُ بالعتاب أو الإِعراض عمَّنْ يليقُ به أن يُكرَّمَ بالخطاب بحسب مقتضى الظاهر، ولكن جاء الكلام على خلاف ذلك لأنّه أعرض أو تولَّى في مقامٍ كان ينبغي له في أَنْ لا يُعْرِض ِأو أن لا يتولّى، ومن أمثلته على رأي السّكّاكيّ - وهو رأيٌ حَسَنٌ - المثالُ الذي سبق الاستشهاد به لما ذهب إليه، وهو قول الله عزّ وجلّ في سورة (عبس/ ٨٠ مصحف/ ٢٤ نزول) :
إذِ الْتَفَتَ عنه ابتداءً، فتحدَّثَ عنْهُ بأسْلُوبِ الحديثِ عن الغائب، مع أنّ مُقْتَضَى الظاهر بحسب منزلته أنْ يُكلِّمَهُ بأسلوب الخطاب، لكِنْ لم يُطِلِ الالتفاتَ عنه بل أسْرَعَ إلى الالتفات إليه، فخاطبه بقوله معاتباً:
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يزكى}[عبس: ٣] .
***
فوئد الالتفات:
ممّا سبق استطعنا أن تكتشف مِنْ فوائد الالتفات ما يلي: