للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ من طبيعة البلغاء والمتحدّثين الأذكياء أن يَحْذِفوا من كلامهم ما يَرَوْن المتَلَقِّيَ له قادراً على إدْراكه بيُسْرٍ وسُهُولة، أو بشيء من التفكير والتأمُّل إذا كان أهلاً لذلك.

والسبب في هذا أنّ الإِسراف في الكلام لا يَليق برَزَانَةِ ورَصَانةِ أهل العقل والفكر الحصيف، بل هو من صفات الثرثارين وأهل الطيش والخفّة، وهو في الغالب من طبائع النساء.

وقد سمَّى "ابن جنيّ" الحذفَ شجاعَةَ العربيّة، وقال: "عبد القاهر الجرجاني": "ما من اسم حُذِفَ في الحالة التي يَنْبَغي أن يُحْذَفَ فيها إلاَّ وحَذْفُهُ أحْسَنُ من ذِكْره".

وأعالج شرح "إيجاز الحذف" من خلال ثلاثة مباحث مع الأمثلة.

المبحث الأول: فوائد الحذف.

المبحث الثاني: شروط الحذف.

المبحث الثالث: أنواع الحذف.

وفيما يلي التفصيل والشرح.

أوّلاً - فوائد الحذف:

ذكر الباحثون في هذا المجال إحدى عشرة فائدة أجْمَعُها في "تِسْع" إذا تحققت واحدة منها فأكثر دون الإِساءة إلى المعنى المراد فالحذف بشروطه عمل بليغ، ومسلك في الكلام رشيد.

الفائدة الأولى: الاختصار اقتصاداً في التعبير، واحترازاً عن البعث، عند تحقُّق المطلوب بظهور المعنى المراد لدى المتلَقِّي، ككَوْن المذكور لا يصلُح إلاَّ للمحذوف، ومنه حذف المبتدأ إذا كان الخبر من الصفات التي لا تصلُحُ إلاَّ لله عزّ وجلّ، وككْون المحذوف مشهوراً حتى يكون ذكره وحذفه سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>