للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبحثوا في الدواعي البلاغيّة لاختيار الإِطناب المفيد بهذه الطرائق فتجمَّعَتْ لَدَيْهم نتائج أفادتني في التصنيف والتمثيل.

وأشير هنا إلى أنّ بعض الأمثلة قد تَصْلُح أمثلة لأَكثر من طريقة من الطرائق التالية البالغة خمس عشرة طريقة:

الطريقة الأولى: "الإِيضاح بعد الإِبهام" وذلك بأن يُورِدَ المتكلّم المعنى مُبْهَماً، وبَعْدَ ذلك يُورِدُه مُوَضَّحاً، قال أهل البيان: إذا أردت أن تُبْهِمَ ثم توضِّح فَإنَّكَ تُطنِب.

ووجه حُسْنِ هذه الطريقة مع الفوائد التي تتحصّل بها أن فيها ما يلي:

(١) إبراز الكلام في مَعْرض الاعتدال الذي يدلُّ عليه الإِيجازُ بالإِبْهام، والإِطنابُ بالإِيضاح، فتكون المحصّلة اعتدالاً.

(٢) إيهَام الْجَمْعِ بين المتنافِيَيْنِ، هما الإِيجاز والإِطناب، إذ الجمع بين المتنافِيَيْن من الأُمور الغريبة المستطرفة المثيرةِ للإِعجاب.

ومن فوائد "الإِيضاح بعد الإِبْهام" الداعيةِ للإِطناب به ما يلي:

(١) تقديم المعنى الواحد في صورتين مختلفتين إحداهما مبهمة والأخرى موضَّحة، كما تُقَدَّم الحسناءُ في كِلَّةٍ أوَّلاً، وبَعْدَ ذَلِكَ تُعْرَضُ مَجْلُوَّةً إذْ تُرْفَعُ الكِلَّةُ عن وَجْهِها ورَأْسِها ومواطِنِ زينتها، فتنجلي للأعين محاسِنُها.

(٢) تمكين المعنى في نَفْسِ الْمُتَلَقِّي تمكيناً زائداً، لوقوعه بعد استشراف النفس إليه بالإِبْهام.

(٣) تكميل لذّة العلم به، إذْ بدأتْ ناقصةً بالإِبْهام، وكَمُلَتْ بالإِيضاح، فالشيء إذا علم ناقصاً تشوّقت النفس إلى العلم به كاملاً، وحصل لديها ظمأ

<<  <  ج: ص:  >  >>