هذه الكناية أُرِيدَ منها لاَزِمُها وهو الشعور بالندم والخوف من العقاب مع العجز عن الفرار، وهي كناية ذاتُ إبداعٍ فنّي رائع، وهي من الكنايات الخفيّة مع عدم وجود وسائط بين المكنَّى به والمكنَّى عنه.
المثال الخامس: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الزخرف/ ٤٣ مصحف/ ٦٣ نزول) :
في هذه الآية جاءت الكناية عن البنات في سياق الحديث عن المشركين الذين جعلوا الملائكة بنات الله بعبارة:"مَنْ يُنْشَّأُ فِي الحلْيَة وهو في الخصام غير مبين".
فمن المعروف في عادات الناس أنَّهم يُنَشِّئُون بناتهم بما يلائم طبيعتَهُنَّ، وذلك بإعدادهنّ حتّى يكُنَّ زوجاتٍ مالكاتٍ قُلوب أزواجهنّ، وهذا الإِعداد يتطلّبُ تدريبَهُنَّ على إتقان زيناتِهِنَّ وحِلْيَاتِهِنَّ، والتخضُّعِ في القول، ومُجَافَاة الجدال، وعدم تعلُّم الكلام الذي يُقَال في المخاصمات، لئَلاَّ يُفْسِد عليها لسانُها حياتَها مع زوجها، أو مع أحد أولياء أَمْرِها، فجمال المرأة بحشمتها وإتْقان زينتها وضبطِ لسانها عن الخُصُومات.
هذه الكناية جاء فيها ذكر الصفات كنايةً عمَّنْ يتصف بها عادَةً، وهُنَّ البنات في قصور الملوك وكبراء القوم، في مقابل جعل المشركين الملائكة بنات اللَّهِ وهو مَلِكُ الملُوك.
ونلاحظ في هذه الكناية إبداعاً تعبيريّاً، وتوجيهاً ضمنيّاً لِمَا يَحْسُنُ أن تُنشَّأَ عليه البنات حتَّى يكُنَّ زوجاتٍ صالحاتٍ مُهَذّبَات.
المثال السادس: قول البحتري في قصيدته الّتي يذكر فيها قتله للذئب: