للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضمّن هذا القول تَشْبِيه مَنْ أُعْجِبَ الشاعر بجمال وجهها بالشمس، وهو تشبيه مبتذل، لكن أَدْخَل فيه عناصر رفعته من المرتبة الدنيا إلى المرتبة العليا، إذ وَصَفَ طلعةَ وجهها من جانب الخدر في اللَّيل على صورة مفاجئة تشعر بأنّ الشمس التي غابت أعيدت إلى الظهور، فهو في حَيْرَةٍ: هل هو نائم يَرَى حُلُماً، أو يُوشَعُ بن نون صاحب موسى موجود في الركب، ومن أجل طلبه أعيدت الشَّمْسِ للظهور، كما حصل له إِذِ استوقف الشمس على ما ذكروا.

(٣) قول الشاعر الوطواط في ممدوحه:

عَزَمَاتُهُ مِثْلُ النُّجُومِ ثَوَاقِباً ... لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلثَّاقِبَاتِ أُفُولُ

لقد رفع من قيمة هذا التشبيه إضافة الشاعر الاستدراك إليه، وهو كون النجوم الثواقب لها أفُول، أمّا ممدوحه فلا أُفولَ له.

قالوا: ويسمَّى هذا "التشبيه المشروط".

(٤) ومن التشبيه المشروط الذي رفعته إضافة الشرط إلى المرتبة العليا، قول الشاعر في ممدوحه:

يَكَادُ يَحْكِيكَ صَوْبُ الْغَيْثِ مُنْسَكِباً ... لَوْ كَانَ طَلْقَ الْمُحَيَّا يُمْطِرُ الذَّهَبَا

والْبَدْرُ مَا لَمْ يَغِبْ والشَّمْسُ لَوْ نَطَقَتْ ... والأُسْدُ لَوْ لَمْ تُصَدْ والْبَحْرُ لَوْ عَذُبَا

(٥) ومن التصرّف الحسن الذي رفع قيمة التشبيه المبتذل قول الشاعر:

فِي طَلْعَةِ الْبَدْرِ شَيْءٌ مِنْ مَحَاسِنِهَا ... ولِلْقَضِيبِ نَصيبٌ مِنْ تَثَنِّيَها

(٦) وقد يَخْرُج التشبيه من الابتذال بأن يجمع الشاعر بين عدّة تشبيهات بكلام واحد، كقول امرئ القيس يصف فرسه:

لَهُ أَيْطَلاَ ظَبْيٍ وَسَاقَا نَعَامَةٍ ... وَإِرْخَاءُ سِرْحَانٍ وَتَقْرِيبُ تَتْفُلِ

له أَيْطَلاَ ظبي: أي: خاصِرَتا ظبْي فهو مُضَمَّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>