للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجصاص (١) من الحنفية إلى أنه لا حقيقة للسحر، وأنه مجرد تخييل وتمويه.

ومما استدل به المنكرون لحقيقة السحر؛ قوله تعالى: ﴿يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى﴾ [طه: ٦٦].

وقد ذكر الله هذه الآية في سياق قصة موسى مع السحرة في سورة طه، وقبلها ﴿قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى. قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى﴾ [طه: ٦٥، ٦٦].

ووجه الاستدلال بها:

قال الجصاص: « … فأخبر أن ما ظنوه سعياً لم يكن سعيا، وإنما كان تخييلاً، وقد قيل إنها كانت عصا مجوفة قد ملئت زئبقا (٢)، وكذلك الحبال كانت معمولة من أدم محشوة زئبقاً، وقد حفروا قبل ذلك تحت المواضع أسراباً، وجعلوا آزاجا (٣)، وملؤها ناراً فلما طرحن عليه، وحمي الزئبق حركها، لأن من شأن الزئبق إذا أصابته النار أن يطير، فأخبر الله أن ذلك كان مموها على غير حقيقة» (٤).


(١) هو أحمد بن علي الرازي، أبو بكر الجصاص من أهل الري، سكن بغداد، ومات فيها، انتهت إليه رياسة الحنفية في وقته، وطلب منه أن يتولى القضاء فامتنع، له كتاب أحكام القرآن؛ مات سنة ٣٧٠ هـ. انظر ترجمته في: الأعلام (١/ ١٧١).
وانظر رأيه في: كتاب أحكام القرآن له (١/ ٥١).
(٢) الزئبق: عنصر فلزي سائل في درجة الحرارة العادية. انظر: المعجم الوسيط (١/ ٤٠١).
(٣) الآزاج: جمع أزج، وهو بناء مستطيل مقوس السطح. انظر: المعجم الوسيط (١/ ١٦)، مادة: أزج، والقاموس المحيط (١/ ١٨٤)، مادة: أزج.
(٤) أحكام القرآن له (١/ ٥٢) وما بعدها.

<<  <   >  >>