للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن حزم في الفصل بعد إيراده لقوله تعالى: ﴿فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى﴾ [سورة طه: ٦٦]: «فأخبر تعالى أن عمل أولئك السحرة إنما كان تخييلاً لا حقيقة له» (١).

ونحوه قول الزمخشري في الكشاف (٢)، والفخر الرازي في التفسير الكبير (٣).

فملخص استدلالهم بالآية «أن الله أخبر عن عمل أولئك السحرة أنه كان تخييلاً، لا حقيقة له، حيث لم يقل تسعى على الحقيقة، ولكن قال: يخيل إليه» (٤).

مناقشة هذا الرأي:

لا يسلم أن الذي حصل مجرد تخييل، بل قد حصل سحر حقيقي لأعين الناس، نتج عنه التخييل، يدل لذلك قوله تعالى: ﴿سحروا أعين الناس﴾ فقد أخبر تعالى أن السحرة سحروا أعين الناس حقيقة، فنتج عن ذلك أن الأعين لما أصابها السحر، صارت تتخيل الحبال والعصي أنها تسعى.

قال الشيخ سليمان الحمدان: «فالتخييل إنما هو في نظر المسحور، فهو ناشئ عن السحر، لا نفس السحر» (٥). وأشار إلى أن السحر الذي حصل لموسى سحر حقيقي جمع من المفسرين، منهم ابن جرير الطبري حيث قال « … وذكر أن السحرة سحروا عين موسى، وأعين الناس قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم، فخيَّل حينئذ إلى موسى أنها تسعى … ثم ساق بسنده إلى وهب بن


(١) الفصل (٥/ ١٠٣).
(٢) انظر: الكشاف (٢/ ٤٣٩).
(٣) انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي (٢٢/ ٨٣).
(٤) انظر: السحر بين الحقيقة والخيال ص (٤٩).
(٥) الدر النضيد ص (١٦٨).

<<  <   >  >>