للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منبه قال: قالوا يا موسى ﴿إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا﴾، فكان أول ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى، وبصر فرعون، ثم أبصار الناس بعد، ثم ألقى كل رجل منهم ما في يده من العصي والحبال، فإذا هي حيات كأمثال الجبال قد ملأت الوادي، يركب بعضها بعضاً» (١).

وحكاه أبو حيان قولاً، فقال: « … وقيل إنها - أي الحبال والعصي - لم تتحرك، وكان ذلك من سحر العيون، وقد صرح تعالى بهذا فقال: ﴿سحروا أعين الناس﴾، فكأن الناظر تخيل إليه أنها تنتقل» (٢).

وذكره الألوسي أحد القولين في تفسير الآية، واستظهره بقوله: «والظاهر أن التخيل من موسى قد حصل حقيقة بواسطة سحرهم، وروي ذلك عن وهب» (٣)، وغيرهم (٤).

ويقول ابن القيم مبينا بطلان من يقول إن السحر لا حقيقة له:

« … وهذا خلاف ما تواترت به الآثار عن الصحابة، والسلف، واتفق عليه الفقهاء، وأهل التفسير، والحديث، وما يعرفه عامة العقلاء.

والسحر الذي يؤثر مرضاً وعقداً وحباً وبغضا ونزيفاً وغير ذلك من الآثار - تعرفه عامة الناس، وكثير منهم قد علمه ذوقاً بما أصيب به منه، وقوله تعالى:

﴿ومن شر النفاثات في العقد﴾ [سورة الفلق: ٤] دليل على أن هذا النفث يضر المسحور في حال غيبته عنه، ولو كان الضرر لا يحصل إلا بمباشرة البدن ظاهراً،


(١) انظر: تفسير الطبري (١٦/ ١٨٥ - ١٨٦).
(٢) انظر: تفسير البحر المحيط (٧/ ٣٥٦).
(٣) انظر: روح البيان (١٦/ ٢٢٧).
(٤) انظر مثلا: أضواء البيان (٤/ ٤٣٨)، والسحر للدكتور مسفر الدميني ص (٢٧)، وأحكام الرقى والتمائم للدكتور فهد السحيمي ص (١٤٥).

<<  <   >  >>