قد فعل بها ما أوجب سعيها وحركتها، غير صحيح، ولا يسلم لهم ذلك:
قال ابن القيم ﵀ مبينا بطلانه:«وأما ما يقوله المنكرون من أنهم فعلوا في الحبال والعصي ما أوجب حركتها ومشيها، مثل الزئبق، وغيره، حتى سعت، فهذا باطل من وجوه:
١ - لو كان كذلك لم يكن خيالاً، بل حركة حقيقية، ولم يكن ذلك سحراً لأعين الناس، ولا يسمى ذلك سحراً، بل صناعة من الصناعات المشتركة، وقد قال تعالى: ﴿فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى﴾ [سورة طه: ٦٦]، ولو كانت تحركت بنوع حيلة، كما يقوله المنكرون لم يكن هذا من السحر في شيء، ومثل هذا لا يخفى.
٢ - لو كان ذلك بحيلة، كما قال هؤلاء، لكان طريق إبطالها إخراج ما فيها من الزئبق، وبيان ذلك المحال، ولم يحتج إلى إلقاء العصا لابتلاعها.
٣ - مثل هذه الحيلة لا تحتاج فيها إلى الاستعانة بالسحرة، بل يكفي فيها حذاق الصناع.
٤ - ولا يحتاج في ذلك إلى تعظيم فرعون للسحرة، وخضوعه لهم، ووعدهم بالتقريب والجزاء.
٥ - لا يقال في ذلك: ﴿إنه لكبيركم الذي علمكم السحر﴾ [سورة طه: ٧١]، فإن الصناعات يشترك الناس في تعلمها وتعليمها» (١).
ومما يدل على بطلان ما احتجوا به غير ما ذكره ابن القيم:
٦ - أن الزئبق عنصر فلزي سائل، ووضعه في الحبال والعصي مدعاة لاكتشاف الحيلة التي احتالوها، لأن الحبال والعصي ليست أجساماً حافظة،
(١) انظره مع تصرف يسير في بدائع الفوائد (٢/ ٢٢٨)، وبدائع التفسير (٥/ ٤١٢ - ٤١٣).