للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سليمان في الناس، فجمع تلك الكتب، فجعلها في صندوق، ثم دفنها تحت كرسيه، ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق، وقال سليمان لا أسمع أحداً يذكر أن الشياطين تعلم الغيب إلا ضربت عنقه، فلما مات سليمان، وذهب العلماء الذي يعرفون أمر سليمان، وخلف بعد ذلك خلف تمثل شيطان في صورة إنسان، ثم أتى نفراً من بني إسرائيل، فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً - أي لا تنفدونه أبداً - قالوا: نعم. قال: فاحفروا تحت الكرسي، وذهب معهم، فأراهم المكان، وقام ناحية، فقالوا له: فادن، قال: لا، ولكنني هاهنا في أيديكم، فإن لم تجدوه فاقتلوني، فحفروا فوجدوا تلك الكتب، فلما أخرجوها، قال الشيطان: إن سليمان إنما كان يضبط الإنس والشياطين والطير بهذا السحر، ثم طار، فذهب، وفشا في الناس أن سليمان كان ساحراً، واتخذت بنوا إسرائيل تلك الكتب، فلما جاءهم محمد خاصموه بها، فذلك حين يقول: ﴿وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا﴾ (١) [البقرة: ١٠٢].

السبب الخامس:

أورد الواحدي عن الكلبي (٢)، قال: إن الشياطين كتبوا السحر والنارنجيات (٣) على لسان آصف هذا ما علم آصف برخيا الملك، ثم دفنوها


(١) أخرجه الطبري (٢/ ٤٠٥ - ٤٠٦)، وعنه ابن كثير في تفسيره (١/ ٣٤٧)، وابن حجر في العجاب (١/ ٣١٧)، وأورده الواحدي في أسباب النزول ص (٣٣) مختصرا، وبدون إسناد.
(٢) هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، أبو النضر، الكوفي، النسابة المفسر، متهم بالكذب، ورمي بالرفض، مات سنة ست وأربعين ومائة. انظر ترجمته في: التقريب ص (٨٤٧).
(٣) النارنجيات: جمع نيرج، وهي أُخذ تشبه السحر، وليست بحقيقته، ولا كالسحر، وإنما هي تشبيه، وتلبيس، والأُخذ جمع أخذة، وهي حيلة تمنع به المرأة زوجها من غيرها، ومنه يقال: لفلانة أخذة، تؤخذ بها الرجال عن النساء.
انظر: الفائق في غريب الحديث (١/ ٢٨)، ولسان العرب (٢/ ٣٧٦)، مادة نرج، والقاموس المحيط (١/ ٢١٧)، مادة نرج.

<<  <   >  >>