للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم﴾، وفي الشعراء: ﴿سحَّار عليم﴾ أي كثير السحر، عالم فيه - ومعنى: «أرجه» من الإرجاء، وهو التأخير، أي: أخره وأخاه، قاله ابن عباس، وقال قتادة: احبسه، والصواب الأول؛ قال الطبري: الإرجاء في كلام العرب التأخير، يقال: «أرجيت هذا الأمر» «وأرجأته» إذا أخرته، ومنه قوله تعالى: ﴿ترجي من تشاء منهن﴾ [سورة الأحزاب: ٥١] تؤخر (١).

﴿وأرسل﴾ أي: وابعث، كما هو لفظ آية الشعراء (٢).

والمدائن: هي الأقاليم وأطراف الملك، أي: وابعث في أقاليم ملكك ومدنه

﴿حاشرين﴾ أي: من يحشر لك السحرة، ويجمعهم من سائر أطراف البلاد. والحاشرون: هم الشرط، شرط فرعون، قاله ابن عباس، ومجاهد، والسدي، وغيرهم (٣).

وقد كان السحر في زمنهم غالباً كثيراً ظاهراً، لهذا اعتقد من اعتقد منهم، وأوهم من أوهم أن ما جاء به موسى من قبيل ذلك - كما مر قريباً من قول فرعون وملئه: ﴿إن هذا لساحر عليم﴾، وكما قال تعالى في سورة طه مخبراً عن قول فرعون: ﴿أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى. فلنأتينك بسحر مثله﴾، [طه: ٥٧، ٥٨].

ثم قال تعالى: ﴿وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين. قال نعم وإنكم لمن المقربين﴾. أي: جاء السحرة بعد جمعهم من أطراف مملكة فرعون،


(١) انظر: تفسير الطبري (١٣/ ٢٠ - ٢١).
(٢) سورة الشعراء، آية: (٣٦).
(٣) انظر: تفسير الطبري (١٣/ ٢٣)، والدر المنثور (٣/ ٥١٢).

<<  <   >  >>