للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فشارطوه إن غلبوا موسى ليثيبنهم، وليعطينهم عطاء جزيلاً، روي معنى ذلك عن ابن عباس، والسدي، وابن إسحاق (١).

وقد اختلف في عدد السحرة، فقال عكرمة (٢): كانوا سبعين ألفاً. وقال ابن إسحاق: خمسة عشر ألفاً. وقال كعب: اثنا عشر ألفاً (٣).

قلت: ولا يترتب على معرفة ذلك حكم، والله أعلم بعددهم.

وقوله: ﴿قال نعم وإنكم لمن المقربين﴾، أي: إنكم لممن أقربه وأدنيه مني، فوعدهم الأجر، والتقريب، وعلو المنزلة عنده، ليجتهدوا ويبذلوا وسعهم وطاقتهم. ﴿قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين﴾ هذه مبارزة من السحرة لموسى لما اجتمعوا في حضرة الخلق العظيم، فقالوا على سبيل التألي وعدم المبالاة: إما أن تلقي ما معك، وإما أن نلقي نحن عصينا وما جئنا به؛ قال لهم: ألقوا أنتم قبل. والحكمة في هذا - والله أعلم - ليرى الناس صنيعهم ويتأملوه، فإذا فُرغ من تخييلهم جاء الحق الواضح الجلي بعد تطلب له، وانتظار لمجيئه، فيكون أوقع في النفوس، وكذا كان.

﴿فلما ألقوا سحروا أعين الناس﴾ سحروا أعينهم سحراً حقيقياً، حيث صرفوها عن إدراكها، فصارت تتخيل الحبال والعصي تسعى (٤).


(١) انظره في تفسير الطبري (١٣/ ٢٤ - ٢٥)، وانظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٤٥٦).
(٢) هو عكرمة بن عبد الله البربري المدني، أبو عبد الله، مولى ابن عباس، تابعي، كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي، وكان ثقة ثبتا، لم يثبت تكذيبه، ولا ثبتت عنه بدعة، مات سنة (١٠٤) هـ. انظر: التقريب ص (٦٨٧)، وطبقات المفسرين (١/ ٣٨٦)، والأعلام
(٤/ ٢٤٤).
(٣) انظر: تفسير الطبري (١٣/ ٢٦)، والدر المنثور (٣/ ٥١٣)، وفتح القدير (٢/ ٢٤٤).
(٤) انظر تحقيق القول في أن هذا السحر وقع للأعين حقيقة ص (١٣٤) وما بعدها.

<<  <   >  >>